الاثنين، 14 نوفمبر 2011

نداء لأرض النيلين .. قصيدة للوطن قبل انحساره

نداء لأرض النيلين

سوداننا.. لنا أن نفخر به ونباهي الدنيا رغم ما يحيق به، نشرت القصيد بجريدة الرياض

عَدَا مُلْتَقَى النيليْنِ مَا كُنْتُ أَصْطَـفِي
وَلا بِسِوَى السودانِ أزْهُـو وأَحْتَفِي
وقَدْ طَالَ بي التَّطْوافُ لمْ أُسْلِمِ العصَا
بِأرْضٍ تُضاهِي حُسْنَ مَوْرِدِهِ الصَّفِي
ألاَ لاَ تَلُومَــا مُدْنَفـــاً بَاتَ هَائِماً
يُلَقَّى صنوفَ الوَجْدِ مِنْ كُلِّ مَصْرِفِ
رَمَتْهُ صُروفُ الدَّهْرِ في كُــلِّ مَهْمَهٍ
وَشَطَّ فلَـمْ يَأْبَـهْ بِما فِي غَـدٍ خَفِي
أَحِنُّ لِخَمْرِ البَنْجَدِيــــدِ أَتَتْ بِها
تِرِيزَا فَدَارَتْ رَأْسُ كُلِّ مُخَـــرِّفِ
وَجَاسُوا خِلاَل الحَيِّ صَـاحَ أَرِيبُهُمْ
ألاَ مَنْ دَلِيــلِي نَحْوَ بَيْتِي وَمُسْعِفِي
أَحِنُّ لِلَوْزِ القُطْــــنِ يَفْتَـرُّ ثَغْرَهُ
علَى الحَقْلِ يَكْسُو زُخْرُفاً فَوقَ زُخْرُفِ
وَذاتِ خِمارٍ كَالفَرَاشةِ خَطْـــوُها
تَمِيسُ علَى مَرِّ النَّسِيمِ المُرَفْــرِفِ
تَهِمُّ بِقَطْفِ اللَّوْزِ واللَّوْزُ عِنْـــدَهَا
عَصِيّاً بَدَا فِي صَدْرِهَا لَــمْ يُقَطَّفِ
أَحِنُّ لِمَـنْ أَلْقَى الشِّبَاكَ مُؤَمِّلاً
عَسَـاهُ بِوَعْـدِ الصُّبْحِ أَطْفَـالَهُ يَفِي
وَمَنْ كَانَ عَرَّاقِيهِ بِالكَتْفِ مُوثَقاً
كَحَـزْمٍ غَـلاَ فِي صَدْرِهِ المُتَصَوِّفِ
يُعِينُ عَلَى الوَاسُوقِ آخَرَ سَاحِباً
وَبَيْنَهُـمَا وَعْـدُ الحَلاَلِ المُشَـرِّفِ

أَحِنُّ لإِرْهاصِ الغرُوبِ وقَدْ نَضَتْ
                ذُكَاءُ ثِيَابَ العَسْجَدِ المُتَكَشِّـــفِ
يُوَشِّي أَدِيمَ المَاءِ عِقْدُ نُضَارِهَا
                وَيَسْطَعُ فِيهِ النَّجْمُ طَـوْراً ويَنْطَفِي
لِتَصْدُرَ نَحْوَ الحَيِّ مُنْآدةَ الخُطَا
                جَآذِرُ ، شَوْقُ الرَّمْلِ قَـالَ لَها: قِفِي

مَسَاءٌ كَإقْبَالِ الملُــوكِ طَلائِعاً
                فَمَا بَيْـنَ ذِي رَوْعٍ وَمُسْـتَقْبِلٍ حَفِ
ثغَـاءٌ وَتَيْعَـارٌ وَنَهْـقٌ وَصَيْحَةٌ
                شَوَاهِدُ عَنْ إِقْبَــالِ لَيْلٍ مُسَــدّفِ
وَيَحْرَنْجِمُ الأَطْفالُ والبَدْرُ ضَاحِكٌ
                أَضَاعُوا شِلَيْلاً وَهْوَ بِاللَّيلِ مُخْتَـفِ
نَآى طُهْرُهمْ بِاللُّبِّ مِنْهُمْ تَوَجُّساً
                بِتِـلْكَ الصَّبايَا النَّاهِـدَاتِ بِيُوسِفِي
يُلاَعِبْنَـهُمْ نِـدّاً بِنِـدٍّ بَـراءةً
                كِتَابُ عَفَافٍ مَتْـنُهُ لَـمْ يُحَــرَّفِ
لَقَدْ نُطِفُوا مِنْ صُلْبِ مُرْحَاكَةٍ إذَا
                أُسِـفَّ سَقِيمُ القَلْبِ مِنْ طَحْنِها شُفِي

إِلَى مَقْرنِ النِّيلَيْنِ يَنْسَلُّ فِي الدُّجَى
                بُرَاقُ مُنَى قَلْبِي لأِقْصَى تَلَهُّــفِي
لِحَيْث أُنَاسٌ يَضْحَكُونَ عَلَى الطَّوَى
                وَكُلُّهُمُـو بِالحَمْــدِ للهِ مُكْتَــفِ
قَسَاوِرُ شَبُّوا بِالإبَـاءِ عَرِينُهُـمْ
                مَهِيبُ الحِمَى ، بِالضَّيْمِ لَمَّا يُخَسَّفِ
وَيَسْتَغْفِرونَ الله فِي كُلِّ مَجْلِسٍ
                وَيَسْتَغْفِرونَ الله فِي كُـلِّ مَوْقِـفِ

وَيَعْتَصِرُونَ الهَمَّ والغَمَّ فِي الحَشَا
                لِيَبْتَسِمُـوا لِلضَّـيْفِ دُونَ تَكَلُّـفِ
أُولَئِكَ أَرْحامُ الْمُروءَةِ وَالنَّــدَى
                وَمَنْ لِسِوَاهُمْ يَنْتَسِبْ : لَمْ يُشَـرَّفِ

بِلاَدِي حَبَاكِ اللهُ مِنْ كُلِّ جَنَّـةٍ
                وَزَادَكِ حُسْناً طَبْعُ إِنْسَـانِكِ الوَفِي
دَهَتْكِ قُرونُ الشُّؤْمِ فِي غَابَةِ الوَرَى
                بِمُسْتَعْمِرٍ فَـجِّ القِـلَى والتَّعَسُّفِ
فَمَا أَذِنَـتْ نَـارُ الجَنوبِ لِهَدْأةٍ
                وإلاَّ دَهَتْ دَرْفورَ دَعْوَى مُخَطْرِفِ
وَمَا الجَنْجَوِيدُ العُرْبُ إلاَّ رِوايَةٌ
                مُلـفَّقَةٌ لَـمْ تَنْتَسِـبْ لِمُـؤَلِّفِ
أَمَرَّ بَنُو الصَّفْراءِ أَشْطانَ فِتْنَةٍ
                تَسِيرُ بِنَا لِلْقَهْقَـرَى والتَّخَــلُّفِ
وَأَذْكَوا ضَرُوساً بَيْنَ شَطْرَيْكِ أَتْلَفَتْ
                مَوَارِدَ خَيْـرٍ جَمَّةٍ شَـرَّ مَتْـلَفِ
جَهَابِذُ رَاحُوا فِي غِمَــارِ أُوَارِهَا
                وَزَرْعٌ وَضَرْعٌ مِنْ ضَرَاوَتِهَا عُفِي
فَفِي كُلِّ بَيْتٍ آهَةٌ مُسْتَمِــرَّةٌ
                وَكَمْ مُقْلَـةٍ قَالَتْ عَوَانُ لَهَا: اذْرُفِي

ذَرُوا الخُلْفَ وَاسْتَهْدُوا إِلَى السِّلْمِ مَسْلَكاً
                وَثيقَ العُرَى لَمْ يُثْنِهِ قَوْلُ مُرْجِفِ
لَمَمْنا شَتَاتَ الغَيْرِ إذْ هُمْ تَفَرَّقوا
                وَمَا زَالَ شَطْرَانَا نَقِيضَيْ تَطَرُّفِ
حَكَيْنا الخِيَاطَ ازْدَانَ بِالثَّوْبِ غَيرُهَا
                وَلاَ سَمُّهَا العُرْيَانُ أَوْ سَمْتُهَا رُفِي

ألاَ إِنَّـنَا قَوْمٌ إذا جَـدَّ سَعْيُـنَا
                خَلاَ رَبْعُنَا مِنْ خَامِـدٍ أوْ مُسَوِّفِ
مَتَى كَانَ مِنْ فَوقِ الثُّرَيَّا مَرَامُنَا
                عَرَجْنا لَها لَمْ نَنْخَذِلْ أوْ نُحَتَّـفِ
وَإنْ كَانَ ضُوءُ الشَّمسِ مَهْراً لِسَوْمِنا
        عَلىَ الخَسْفِ قُلْنا : يَا ابْنةَ الضَّيْمِ فَاكْسُفِي
عَمَائِمُنَا عُنْوانُ قَاصِدِ فَضْلِنا          
                وَمَا قَادِحٌ فِينَا سِوَى غَيْرِ مُنْصِفِ
عَدَا مُلْتَقَى النيليْنِ مَا كُنْتُ أَصْطَـفِي
وَلا بِسِوَى السودانِ أزْهُو وأَحْتَفِي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق