الخميس، 24 نوفمبر 2011

في رثاء فقيد الشباب الابن الدكتور النذير عيسى رحمه الله

رويدك أيّـها الدمْـعُ الغزيرُ .. فما جـدواكَ والفقدُ النذيرُ؟
وما الدنيا وقدْ أمسـت ظلاماً.. خبا بالأفـق كوكبها المنيرُ؟
أيا شمس الغروب قفي افتقدنا .. شبيهك هل غروبكما المصير؟
وهل دفقـات نور الحيّ طراً .. إلى تلك الرموس غدت تسير؟

توخّى الموتُ من بُسـتان قومي .. أعزّ الوردِ إذ فـاح العبـيرُ
ومدّ يد المنـون على قطافٍ .. فداها القوم إنْ هوَ يستخيـرُ
ولكنّ القضاء مضى ولسنا .. على صبـرٍ وقدْ حكَم القديـرُ
ألا يا ساكني ام درمان إنّي .. بغيـر نذيركم ما لـي وزيـرُ
وبـي لفراقه لوعات عـمٍّ .. تدفّـق من مآقيـه النميـرُ
أعالج بالنهارِ دموع ذكـرى .. ويشهد لوعةَ الليلِ السريـرُ
إذا طالعتُ من حولي شباباً .. ذكرتُ شبابه وهـو النضيـرُ
وإنْ زغرودةٌ في الحيّ ضجّتْ .. لدى عرسٍ جرى دمعي السجيرُ
وأمرضُ لا أحبّ لقا طبيبٍ .. فذكراه إلـى خلَدي تطيـرُ
فصول حياتنا أمست جميعاً .. له ذكرى، هو الراوي السميرُ
إذا كانتْ هيَ الحالُ اعترتني .. فصبراً يا أخي عيسى الكبيرُ
ويا شـيماءُ بالله استعيني .. فذو السلوى لدى المولى أجيـرُ
ويا أخواتِ أشرفَ ما عزائي .. دموع العمِّ.. خاطره الكسيرُ؟
أبيت بغربتي وأرى أمانـي .. وحبل الصبر في يدها قصيـرُ
أميـرةُ يعتريها الحزن تأسى .. وقد ولـى الفتى الغضّ الأميرُ
وتيسيرُ الصغيرةُ داهـمتها .. جيوشُ أسىً ومعتـزُّ الصغيرُ
فأدعو الله في سِرّي إلـهي .. إليك نتوبُ يا نعِْمَ النصيـرُ
عليهمْ أنزلِ السلوانَ ربـِّي .. فإنّ مُصـابَنا جَللٌ خطيـرُ
إلهي إنّك الرحمن فامنـنْ .. على عبدٍ لرحـمتكمْ فقيـرُ
أتاكَ مفارق الدنيا عريساً .. وعندك عدنُ والعيش الطريـرُ
فأبدلْه الـهناءَ على هنـاءٍ .. أعدّ لـه وأنت بـه خبيـرُ
شهدنا للنذير بكلّ خيـرٍ .. وخيْـرك بالفراديس الكثيـرُ
فأنزله منازلَ ذات صـدقٍ .. لدى الجنّات مقعده وثيـرُ

المكلوم العم السر حاج يوسف ـ الرياض في 05/12/1432هـ

الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

قصيدة : عيناكِ حزبي .. جامعة الخرطوم 1987م

(حـزبي) ـ جامعة الخرطوم 1987م

كان سؤالها : لأي حزبٍ كان صوتي .. أيام انتخابات اتحاد الطلاب بالجامعة



لا تسألي عن ملّـتي ومصيـري
عينـاك حزبي والهوى دستوري

هذي السياسة لم ترق لعقيدتي
عشاقها علقـوا بحبل الجـور
كذبٌ وتخريصٌ ألـمَّ بأهلـها
وسرى النفاق بها وقـول الزور
لكنـني لمـا ائتمرت بطرفةٍ
من مقلتيك انْصعتُ كالمأسـور

آنستُ في عينيك أحلامي غداً
وقرأت تاريخي وشدت قصوري
ورضيتهن ولـيَّ حكمِ عواطفي
فهُـما بليل العمر فيض النور
مستقبل الأيـام في جفنيـهما
وبهدب رمشيهنَّ ومْضُ عصور
طوعاً أميل بغمزهنَّ وأنثنـي
وبأمرهـنَّ شكايتـي وسروري

تنـداح آلاءُ الطفولة فيهما
وتغنِّـــيان لعالـم مسحور
فكأنمـا يغري الإلـه عباده
بهما نظيـر وعـوده بالحور
أسرار هذا الكون في غوريهما
وبهـنَّ لغـز مجاهـلٍ ودهور
ليلٌ وإصباح وآفـاقٌ بدت
ومجـرة منقوشــة ببدور
والويـل للعشاق إن يترقبوا
ألقـاً كساهنَّ انجلـى بفتور

فيض الصبابةِ من لحاظك نبعـه
فكـأنهنَّ مفاتـحُ التنــور

لا تسألي عن ملتي ومصيري
فأنا انتميت لحزبك المنصـور
وسخرت من أهل السياسة إذ بدوا
يتنافسون على قشـور قشور
هي بيعتي للحسن حيث وجدته
وأنا لـه بجوارحـي وشعوري

قلبي كالفراشة ـ من أشعار مرحلة الثانوية 1984م

قلبي كالفراشة 

القلوب الرقيقة يهودية الطباع : (لن تصبر على طعام واحد)

لستُ أدري أميّتٌ باتَ حيّـا       بعَثَتْهُ عينــاك  طلْـقَ المحيا
أم وميضٌ من الهـوى يتبدَّى                  في دجى الروح مشرقاً وبـهيا
نظرة خفت سحـرها البابليّا                  فهْي من أشقتِ الفتى السامريا

إن قلبي لكالفراشـة حـالاً                   لم يجرِّبْ من الهـوى عـذريا
فهي تهوَى كل الورود وإن كــــان  اختلاف  بهن نفحـاً وزيا
ثم تهوِي بالنار في نشوة الحـــــب فتلقَـى  ودادَها السرمديا
مثلها كان حالُ قلبي ولكنْ           نـارُ قلبـي أشدُّ لفحاً وكيا

كم عشقتُ الجلمودَ في سفح تلٍّ      فاستوى مؤنساً وأفضى الشُّكَيا
وعشقت القبورَ والصمت فيها       فتغنَّـتْ وأثـمَلَتْنـي  ملِـيّا
ثم بانت عيناك تعصــرُ وجدانــي فأنقــادُ طائعــاً مسبِـيّا
لك مني نفسي ، ألا ليت نفسي      لك تـمسي أنيسَكِ الأبَـديا

بالهوى تشرقُ الشموسُ من الغـربِ ويُـمْسي الدجَـى نهاراً سنـيا
كل شئٍ بنظرة الحبِّ حُسْنٌ            فتمـلَّى بـدائعَ الخلْـقِ هيـا

الجمالاب في 26/02/1984م

الثلاثاء، 15 نوفمبر 2011

مزامير القلوب ـ قصيدة افتتاح الديوان

مزامير القلوب
لك الحمدُ السنيُّ ولست أرجو  سوى في يوم عرض الخلق أنجو
خلقتَ لروح عبدك ألف دارٍ    ولم يك وسعها في الكون برج
على أحوالها تغدو وتـمسي     ولا تـدري بأي  غدٍ تـزج
إذا سكن الدجى والناس غطوا   على سنـةٍ فدنيـاها تضـج
تهيم بكـل وادٍ تعتريـها       شوارد من صنوف الفن صنج
ففي نفس البعوضة وقع لحنٍ     يدغدغها وفي الأرماس لـهج
وتبني من دخان السحب داراً    لبان عمـادها نـارٌ وثـلج
وتقتات الرؤى وتعبُّ شرقى     بفضل الحسن تلعق ما يـمج
وتلبس من ضياء الفكر ثوباً      له من عبقـري الحبك نسج
كأن بديع صنع الله يهـدي     لها الألحان صرفاً وهي تشجو

قصائد لست مبدعهن وحدي    بل استشرفتهنَّ  وهنَّ غنـج
كصائد لؤلؤٍ يرتــاد يـماً   ليزهو في صـدور الغيد وهج
هتكتُ ستورهنَّ فكل قلبٍ     تضوَّع بالأريـج لـهنَّ مرج
ولست بمدَّعٍ فضـلاً بقـولٍ   ولكن القلوب غـدت تثـجّ
مزامير القلـوب إذا تغـنت     تجاذبها إلى الوجـدان فـج
فيمسي شاعراً من كان يصغي   ويصحو مترعاً من فيه بنـج

إلـهي تلك نفسي ذات وثبٍ  تجشمـها بـمتن الشعر سرج
أتوب إليك من كلمات لغـوٍ   تصك بـها وجوهٌ أو تشـج
فقد ألهمتني نظـم القــوافي  وهأنـذا بـها صدري يعـج
ولم أر في حياتي من شــقاءٍ   كغي الشعر ننسـب ثم نهجو

إلهي تلك نفـسي من براهـا   غدت لفيـوض رحمتـه تحج
فأودعـها النعيـم لأن فيهـا  بقيَّـة مؤمـنٍ بك  لا يلـج

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

نداء لأرض النيلين .. قصيدة للوطن قبل انحساره

نداء لأرض النيلين

سوداننا.. لنا أن نفخر به ونباهي الدنيا رغم ما يحيق به، نشرت القصيد بجريدة الرياض

عَدَا مُلْتَقَى النيليْنِ مَا كُنْتُ أَصْطَـفِي
وَلا بِسِوَى السودانِ أزْهُـو وأَحْتَفِي
وقَدْ طَالَ بي التَّطْوافُ لمْ أُسْلِمِ العصَا
بِأرْضٍ تُضاهِي حُسْنَ مَوْرِدِهِ الصَّفِي
ألاَ لاَ تَلُومَــا مُدْنَفـــاً بَاتَ هَائِماً
يُلَقَّى صنوفَ الوَجْدِ مِنْ كُلِّ مَصْرِفِ
رَمَتْهُ صُروفُ الدَّهْرِ في كُــلِّ مَهْمَهٍ
وَشَطَّ فلَـمْ يَأْبَـهْ بِما فِي غَـدٍ خَفِي
أَحِنُّ لِخَمْرِ البَنْجَدِيــــدِ أَتَتْ بِها
تِرِيزَا فَدَارَتْ رَأْسُ كُلِّ مُخَـــرِّفِ
وَجَاسُوا خِلاَل الحَيِّ صَـاحَ أَرِيبُهُمْ
ألاَ مَنْ دَلِيــلِي نَحْوَ بَيْتِي وَمُسْعِفِي
أَحِنُّ لِلَوْزِ القُطْــــنِ يَفْتَـرُّ ثَغْرَهُ
علَى الحَقْلِ يَكْسُو زُخْرُفاً فَوقَ زُخْرُفِ
وَذاتِ خِمارٍ كَالفَرَاشةِ خَطْـــوُها
تَمِيسُ علَى مَرِّ النَّسِيمِ المُرَفْــرِفِ
تَهِمُّ بِقَطْفِ اللَّوْزِ واللَّوْزُ عِنْـــدَهَا
عَصِيّاً بَدَا فِي صَدْرِهَا لَــمْ يُقَطَّفِ
أَحِنُّ لِمَـنْ أَلْقَى الشِّبَاكَ مُؤَمِّلاً
عَسَـاهُ بِوَعْـدِ الصُّبْحِ أَطْفَـالَهُ يَفِي
وَمَنْ كَانَ عَرَّاقِيهِ بِالكَتْفِ مُوثَقاً
كَحَـزْمٍ غَـلاَ فِي صَدْرِهِ المُتَصَوِّفِ
يُعِينُ عَلَى الوَاسُوقِ آخَرَ سَاحِباً
وَبَيْنَهُـمَا وَعْـدُ الحَلاَلِ المُشَـرِّفِ

أَحِنُّ لإِرْهاصِ الغرُوبِ وقَدْ نَضَتْ
                ذُكَاءُ ثِيَابَ العَسْجَدِ المُتَكَشِّـــفِ
يُوَشِّي أَدِيمَ المَاءِ عِقْدُ نُضَارِهَا
                وَيَسْطَعُ فِيهِ النَّجْمُ طَـوْراً ويَنْطَفِي
لِتَصْدُرَ نَحْوَ الحَيِّ مُنْآدةَ الخُطَا
                جَآذِرُ ، شَوْقُ الرَّمْلِ قَـالَ لَها: قِفِي

مَسَاءٌ كَإقْبَالِ الملُــوكِ طَلائِعاً
                فَمَا بَيْـنَ ذِي رَوْعٍ وَمُسْـتَقْبِلٍ حَفِ
ثغَـاءٌ وَتَيْعَـارٌ وَنَهْـقٌ وَصَيْحَةٌ
                شَوَاهِدُ عَنْ إِقْبَــالِ لَيْلٍ مُسَــدّفِ
وَيَحْرَنْجِمُ الأَطْفالُ والبَدْرُ ضَاحِكٌ
                أَضَاعُوا شِلَيْلاً وَهْوَ بِاللَّيلِ مُخْتَـفِ
نَآى طُهْرُهمْ بِاللُّبِّ مِنْهُمْ تَوَجُّساً
                بِتِـلْكَ الصَّبايَا النَّاهِـدَاتِ بِيُوسِفِي
يُلاَعِبْنَـهُمْ نِـدّاً بِنِـدٍّ بَـراءةً
                كِتَابُ عَفَافٍ مَتْـنُهُ لَـمْ يُحَــرَّفِ
لَقَدْ نُطِفُوا مِنْ صُلْبِ مُرْحَاكَةٍ إذَا
                أُسِـفَّ سَقِيمُ القَلْبِ مِنْ طَحْنِها شُفِي

إِلَى مَقْرنِ النِّيلَيْنِ يَنْسَلُّ فِي الدُّجَى
                بُرَاقُ مُنَى قَلْبِي لأِقْصَى تَلَهُّــفِي
لِحَيْث أُنَاسٌ يَضْحَكُونَ عَلَى الطَّوَى
                وَكُلُّهُمُـو بِالحَمْــدِ للهِ مُكْتَــفِ
قَسَاوِرُ شَبُّوا بِالإبَـاءِ عَرِينُهُـمْ
                مَهِيبُ الحِمَى ، بِالضَّيْمِ لَمَّا يُخَسَّفِ
وَيَسْتَغْفِرونَ الله فِي كُلِّ مَجْلِسٍ
                وَيَسْتَغْفِرونَ الله فِي كُـلِّ مَوْقِـفِ

وَيَعْتَصِرُونَ الهَمَّ والغَمَّ فِي الحَشَا
                لِيَبْتَسِمُـوا لِلضَّـيْفِ دُونَ تَكَلُّـفِ
أُولَئِكَ أَرْحامُ الْمُروءَةِ وَالنَّــدَى
                وَمَنْ لِسِوَاهُمْ يَنْتَسِبْ : لَمْ يُشَـرَّفِ

بِلاَدِي حَبَاكِ اللهُ مِنْ كُلِّ جَنَّـةٍ
                وَزَادَكِ حُسْناً طَبْعُ إِنْسَـانِكِ الوَفِي
دَهَتْكِ قُرونُ الشُّؤْمِ فِي غَابَةِ الوَرَى
                بِمُسْتَعْمِرٍ فَـجِّ القِـلَى والتَّعَسُّفِ
فَمَا أَذِنَـتْ نَـارُ الجَنوبِ لِهَدْأةٍ
                وإلاَّ دَهَتْ دَرْفورَ دَعْوَى مُخَطْرِفِ
وَمَا الجَنْجَوِيدُ العُرْبُ إلاَّ رِوايَةٌ
                مُلـفَّقَةٌ لَـمْ تَنْتَسِـبْ لِمُـؤَلِّفِ
أَمَرَّ بَنُو الصَّفْراءِ أَشْطانَ فِتْنَةٍ
                تَسِيرُ بِنَا لِلْقَهْقَـرَى والتَّخَــلُّفِ
وَأَذْكَوا ضَرُوساً بَيْنَ شَطْرَيْكِ أَتْلَفَتْ
                مَوَارِدَ خَيْـرٍ جَمَّةٍ شَـرَّ مَتْـلَفِ
جَهَابِذُ رَاحُوا فِي غِمَــارِ أُوَارِهَا
                وَزَرْعٌ وَضَرْعٌ مِنْ ضَرَاوَتِهَا عُفِي
فَفِي كُلِّ بَيْتٍ آهَةٌ مُسْتَمِــرَّةٌ
                وَكَمْ مُقْلَـةٍ قَالَتْ عَوَانُ لَهَا: اذْرُفِي

ذَرُوا الخُلْفَ وَاسْتَهْدُوا إِلَى السِّلْمِ مَسْلَكاً
                وَثيقَ العُرَى لَمْ يُثْنِهِ قَوْلُ مُرْجِفِ
لَمَمْنا شَتَاتَ الغَيْرِ إذْ هُمْ تَفَرَّقوا
                وَمَا زَالَ شَطْرَانَا نَقِيضَيْ تَطَرُّفِ
حَكَيْنا الخِيَاطَ ازْدَانَ بِالثَّوْبِ غَيرُهَا
                وَلاَ سَمُّهَا العُرْيَانُ أَوْ سَمْتُهَا رُفِي

ألاَ إِنَّـنَا قَوْمٌ إذا جَـدَّ سَعْيُـنَا
                خَلاَ رَبْعُنَا مِنْ خَامِـدٍ أوْ مُسَوِّفِ
مَتَى كَانَ مِنْ فَوقِ الثُّرَيَّا مَرَامُنَا
                عَرَجْنا لَها لَمْ نَنْخَذِلْ أوْ نُحَتَّـفِ
وَإنْ كَانَ ضُوءُ الشَّمسِ مَهْراً لِسَوْمِنا
        عَلىَ الخَسْفِ قُلْنا : يَا ابْنةَ الضَّيْمِ فَاكْسُفِي
عَمَائِمُنَا عُنْوانُ قَاصِدِ فَضْلِنا          
                وَمَا قَادِحٌ فِينَا سِوَى غَيْرِ مُنْصِفِ
عَدَا مُلْتَقَى النيليْنِ مَا كُنْتُ أَصْطَـفِي
وَلا بِسِوَى السودانِ أزْهُو وأَحْتَفِي

الأحد، 13 نوفمبر 2011

سخرية الأقدار ـ قصيدة

سخرية الأقدار
(الحق أننا في غربة بدن وروح ، وما أسوأها غربة)

                                  ولسوف أغمض ناظري في ساعة
                                                              وأكون مـلء الحـب في السودان
يا فخر ذاك اليوم في أمثـاله    إذ لم يكـن من مثلـه صنوان
الشوق هد ملامحي وتقاذفت    بي ماخرات الوجد والأشجان
في يم تغريبٍ تسير بي المنـى    والذكريـات بزورق  الهذيان
لا شطءَ في الأفق المسافر أرتجي خـاب المؤمِّل في البعيد  الداني
لم يبق مني غير شعرٍ مترعٍ      بفواصـل  الأوتـار  والألحان
تتبرم الروح الغريبة من دمي    ويسئ لي مـما  جنيت  لساني
حتام أصبر لا أطيق صبابةً      وقد انبرى جسدي وجن جناني
                                  ضحكي وإجهاشي سواءٌ في المدى
                                 والليــل والإصباح لي سيَّان
أمسي كيومي ظلمةٌ وكآبةٌ       وغدي يطلسم رغبتي وحناني
سخريَّة الأقدار في موت الفتي     حيـَّاً وناظرتـاه تأتلقـان
***
قالت تحدّثني الأنيقة يا فتي        حتى متى القلبـان يبتـردان
فأجبتها شوقي ونار فراقكم       في القلب مما صار يضطرمان

                                  في الصحو في الحلم المسافر في الرؤى
                                أجترُّ من ذكرى الوصال الفاني
كفراشةٍ هفَّتْ لجذوة مختلٍ        فغدا ذناباها خيوط دخـان
هاجرت أرجو جني أثمار النوى    فإذا النوى الجاني وثَمَّ الجاني
خُدِع الذي يرجو السقا من لمعة  لاحت له في الأفق مثل جمان
يا أنتِ يقتلني هواك ولم يعد      صبري يلازمني مع الحـرمان
مستوحشٌ متفــردٌ فكأنني     أمشي على درب من   النيران
والناس كالأشباح بين نواظري   لا فـرق بين اللص والسلطان
لا شئ يعجبني سوى إيناسكم    فيه أعـود لدولـة   الإنسان
في كل ثانيةٍ أراك فتنبــري     مني اليـدان إليـك تنبسطان
فيغيب طيفك تاركاً في عالمي     سنوات شوق في انتظار ثوان

الرياض في 15/06/2002م

قصيدة أسيرة الجن.. 1988م

أحبائي قرّاء مدونتي .. أحاول أن أودع من أشعاري كل يومٍ قدر المستطاع
وللعلم : فإن كل ما يرد من أشعارٍ هنا فهي لصاحب المدونة ـ أخوكم السر الحساني

أسيـرة الجن 
(بعض السحر مسحور ، وكان لي مع الشيخ المعالج ما كان)
 شمال الخرطوم بحري 1988م

يا شيــخ كُـفَّ ألا تستغفـر اللهَ

تلك المليحةُ ما في الطبِّ رُقياها
ياشيخ حسبُــك ما للقيد ساقـاها

أم أنَّ قيدَك مفتونٌ  بلقيـــاها
إن كان بعضُ شباب الجنِّ يعشقها

أتعذلنَّ عشوقاً في الهـوى تاها
والكائناتُ جميعاً سبَّحتْ طمــعاً

في حسنِها تبتغي  رحمَن مولاها
الوردُ طالَعَ خدَّيْــها فبرَّهــما

والأنجمُ الزُّهْرُ غارتْ من ثناياها
والبرتقالُ تثنّى في خمائلــــه

فاصفرَّ حين تردّى الحسنَ نهداها
أما الضحى وسـوادُ الليلِ ما ائْتَلَفا

إلاّ بمُقلتِها ضِــــدّان جاءآها
في الحسن قد كمُـلَتْ حتّى تصيَّدها

طرفٌ لذي حسدٍ ما كبَّــر الله
جارَ القضاءُ بها حتّـى إذا اختبلتْ

فالجنُّ يحسدُ بعضاً منه يهـواها
يا شيخ عندك بحرُ الحسن فاسْقِ بهِ

ظمآى الغرامِ فإني كنتُ تـوّاها
في الحسن أبحِرُ لا ترتاح لي سُفُنٌ

باسمِ التغزُّل : مجريها ومرساها
واليوم أرسو بشطٍء ما وجدتُ له

في البـرِّ والبحرِ أقراناً وأشباها
يا شيخ حسبُك ما للقيــد ساقاها

أم أنّ قيدك مفتـون بلقيــاها
حسدتُ قيدَك في تقبيل معصـمِها

وذا البخورَ تسامى  في حناياها
ما أسعد القيـدَ والدخـانَ عندكمو

إذ أدركا حُرُماتٍ كنتُ  أخشاها
إني أغار إذا الأنسـام ضمَّـخها

نشْرُ الذوائبِ فاسْتَلْقَتْ  بمغناها
فكيف بي وهِيَ المُلْقـاةُ تلفَحُـها

حَرُّ السَّهامِ وذاتُ القرِّ تغشـاها
يا سيدي الشيخ ما في طبِّكم رِيَبٌ

لكنْ عيِيْتُ به صبراً وأعياهـا
ما هكـذا تتداوى مَـنْ بطلعتِـها

يقينُ كلِّ بصيرٍ أنْ يرى الجاها
مستوحشُ العيشِ مستقصىً بعالمها

ورِقَّةُ الطبعِ من أدنَى سجاياها
إن كنت تنصفُني حقّي وتنصفُها

ففكَّ عاقلَــها واستعفِ مولاها
أو فامْسَخنِّـيَ مجنـوناً أجاوَرُها



علِّـي أُسامَرُ في جنِّي بنجواها
في خلوةٍ تركـوها لا أنيـس لها

وقلـب كلِّ أنيـسٍ كان مأواها
الصمُّ والبكمُ جاراها فوا أسفا

والنيلُ أمسِ وزهرُ الروضِ جاراها
بالأمس وجهيَ رجلاها سجَنْجلُه

واليـومَ منآدةً تنقــادُ رجلاها
ياشيخ حسبك ما للقيد ساقاها

أم أن قيـــدك مفتون بلقياها
ما ذلك الجَلدُ يشفيها وقد وهِِنتْ

كم في سياطِك من سوطٍ تمناها
الله دثَّـرها حُسـناً وأرسلَـها

لكيْ تُحَــبّ ولكنْ ذاك أشقاها
الناسُ من حسنِها انفضّوا لخوفهمو

من صدِّها، ونفورُ الناسِ أرداها
فربّما كان حُسْنُ المرء عاهتَه

بين الورى فيلاقي الشؤم إكراها
ما قـدَّرَ اللهُ فالمخلوقُ مدْرِكُهُ

من كان يشرك أو من بات أواها(1)
إذا النفوس سَرَتْ في دَجْنةٍ حلكَتْ

وأوغلَ الليلُ حتى طال مسراها
فالحبُّ يشرقُ فيها وهو مبتسمٌ

حتى نراه وقد أبْهَـى وجَـلاّها

(1) إشارة إلى تعليق المرحوم البروفيسور عبدالله الطيب أن هذين البيتين من الحكمة التي هي: خضراء الدمن