الأحد، 4 أغسطس 2019

لئالئ الكلام في مدح سيّد الأنام

لئالئ الكلام في مدح سيّد الأنام
================
السر حاج يوسف (أبوتالية)


أبعدَ الضُّحى والليْلِ ـ تُتْلى ـ إذا سجَا
نهزُّ بجِذعِ الشِّعْرِ والمدْحُ يُرتَجَى؟

زكَا كلُّ حرفٍ واشْرأبَّ تبرُّجا
وفاحتْ أزاهيرُ البيانِ تأرُّجا

وما كَلِـــــمٌ إلاَّ تثقّبَ لؤلؤاً
لِيَزْدادَ في عِقْــــدِ الثنـــاءِ توَهُّجا

مَحافلُ نــورٍ أشرقتْ وتألّقتْ
وماسَتْ بها غِيدُ القوافي تغنُّجا

فإنَّ مديحاً في الحبيبِ مُحمّدٍ
لَيَزْهُو كبَدرِ التمّ في حلْكةِ الدُّجى

أيا رحمةَ الأكوانِ يا علمَ الهُدى
أتيتَ لكونٍ في الضلالاتِ أدلَجا

ولِدْتَ فنورٌ في الوجودِ تبَلّجا
وزُيِّنَتِ السبْعُ الطِّبَاقُ تبهْرُجا

وزغْردتِ الحورُ الحسانُ لمنْ هَدَى
إليْهنّ شطرَ العالمينَ مُزَوّجا

ونكِّستِ الأصنامُ في الأرضِ كلّها
وزلزِلَ إيوانُ المجوسِ ورُجْرِجا

خبَتْ نارُهم والعهدُ أنّ أوارَها
يُصانُ لآلافِ السِّنين تأجُّجا

وساوةُ سِيء الواردُوها لغيضِها
وقدْ عهِدوها أنْ تفيضَ وتَنْخَجا

شددتَ خطامَ النورِ في غيْهبِ السُّرى
تؤمُّ البرايا هَوْدجاً جرّ هَوْدجا

تجدُّ الصـراطَ المسـتقيمَ بأمّةٍ
هيَ الوسَطُ المحْمودُ عقلاً ومنْهَجا

إلى حيثُ رضوانُ الإلهِ محَجّةً
على قيّمِ التنزيلِ لمْ تَنْحُ أعوجا

ويومَ يُساقُ الخلقُ حينَ تغابُنٍ 
ومن حَسَراتٍ مُهْطِعينَ تشُنُّجا

أتيناكَ والأثقالُ ناءَت ظُهُورُنا 
بأوزارِها والرِّكزُ منّا تحَشْرَجا

وليس لنا إلا الشفاعةَ مُلْتَجا 
وليس لنا إلاَّ لواءك مخْرجا

بَرَزْتَ لها والرُّسْل طرّاً تنكّصوا 
وكلُّ البرايا في طلابٍ لمُلْتجا

هتفتَ بسمعِ العالمينَ: أنا لها 
فسُرّيَ عمّنْ غَصَّ حلقومَهُ الشَّجا

فأُلْهِمْتَ من فيض المحامدِ وانبرى 
لكَ العرشُ ذو الأنوارِ يضوِي تبُلُّجا

ونوديْتَ: سلْ تُعْطَ الذي أنتَ سائلٌ
وشفِّعْ تُشفّعْ يا حبيبُ بكَ النَّجَا

وقفتَ على حدِّ الصراطِ ترحُّماً 
ليجتازَ خطّاءٌ تأرجحَ أعرجا

لواؤك يؤوي المؤمنين مفازةً 
بعيداً عن الأهوالِ فيْحاءَ سَجْسَجا

وحوضُكَ نضّاحٌ يهشُّ لواردٍ 
فيصْدُرَ للجنَّاتِ بالبِشْرِ مُبْهَجا

إلى الحورِ والوِلْدانِ والفَيءِ والندَى 
تزُفُّ وفودَ الخيرِ يا نِعْمَ منْ زجا

فأنتَ الحبيبُ المُرتَضى ذُخْرُنا الذي 
نَنالُ به شأْواً عليّاً ومدْرجا

مقامُكَ محمودٌ فبُشرَى لأُمَّةٍ
بحقْوِكِ نِيطَتْ، وُلِّيَتْ كعبةَ الرّجا

ومدحُكَ في القرءانِ لا مدحَ بعدَه 
علَى خُلُقٍ مُستعْظَمٍ بكَ توّجا

فما الحُسْنُ إلاّ ذلكَ الفَرِحُ الذي 
يَهِشُّ لأنْ يُعزَى وباسمِكَ يُمزَجا

تقاصرتِ الأوصافُ عنْ أمِّ معبدٍ 
إلى ظاهرٍ في الحسنِ سيقَ مُروَّجا

فمنْ شامَ برقَ الحسْنِ حُسِّرَ طرْفُه 
ليبصِرَ وَضّاحاً منَ النُّورِ أَبْلجا

رَباعاً مَليحاً أزْهَرَ اللَّونِ بادناً 
أزجَّ وأَقْنَى أَشْنبَ الثَّغْرِ أَدْعَجا

ويخفَى عليه سرُّ تحقيقِ ذاته
إذِ الوصفُ يبدو في التصاويرِ مُولَجا

فنورُ حبيبِ الله عزَّ لواصفٍ 
إذا الثقَلاَنِ اسْتظْهَراهُ لَمَجْمَجا

وما برِحَا معشارَ ما خصّهُ الذي 
بَراهُ سِراجاً نيِّراً حِينَ أبْرَجا

إمام الكرامِ المُرْسَلينَ جميعِهم 
رُفِعتَ لِمَا فوق الحجابِ مُفوّجا

تقاعسَ جبريلُ المكِينُ ولم يرِمْ
ومَا زلْتَ ترقى حيثُ لا خلقَ أُعْرِجا

إلى قابِ قوسينِ ارتقيتَ مؤانَساً
وجاوزْتَ مِصْراعاً عنِ الخَلْقِ أُرْتِجا

عجبتُ لمن بالكُفْرِ عُمِّيَ قلبُه
وإعجازُ آيِ الذكرِ أعْيَا ذَوِي الحِجا

فحسْبُك تسليمُ الجلامدِ، والطَّخَا
يُظِلُّ، وأمرُ العيرِ تَهْدِي مَنِ احْتَجَى

وخنساءُ صيدتْ والنبيُّ كفيلُها 
وقد أفردَتْ في البرِّ ظبياً مُخدّجا

يكادُ الطوَى يُبْلِيهِ فاحْتدّ ناكصاً 
وحاجَّ رءُوماً واسْتَشاطَ تَهَيُّجا

وقال لها أُوبِي سراعاً فداؤه الـ 
خلائقُ طرّاً لستُ للعيشِ أحْوَجا

وبثّ بعيرٌ ما يلاقي من الأذى 
وجذعٌ بكى بينَ المصلِّينَ مُزْعَجا

ويوم أوى في الغارِ باضَت حمامةٌ 
بتقديرِ هادي العنكبوتِ لتنسِجا

ودعوتُه جيشاً إلى بيتِ جابرٍ 
على جدي شاةٍ لم يُكَنِّزْ يَرَنْدَجا

لعشْرةِ آلافٍ خِماصٍ ، جِفانُها
تُكلّلُ لحماً بالثريدِ مُدَبّجا

ومنْهلُهم عذْبُ النّميرِ بِكفِّه 
تسحُّ فتسْقِي القومَ صَفْواً مُثلّجا

وكنَّا إذا يحْمى الوطيسُ نؤمُّه 
لنُحمى به نؤوَى خَمِيساً مدجّجا

إذا ما بدا في لامةِ الحربِ مُثْخِناً 
تَقاطَرُ أملاكُ السَّمَا حيثُ أسْرَجا

يسنُّ لنا لُقْيا السنانِ وإنّه 
لئنْ يدْعُ أنْ يفْنَى العُتُلُّ تَضَرّجا

ألا يا رسولَ الله جئتكَ مثقَلاً 
أعالجُ صَدراً حزَّ بالهمِّ مُحْرَجا

ويُلجِمُ فصلَ القولِ عندكَ سيّدي 
جلالٌ فإن وافاكَ سحبانُ لجْلَجا

أُسِيبُ ركابَ السؤلِ في ساحةِ النَّدَى
فمنْ حلَّ مَرْجاً وافرَ الخصْبِ أمْرَجا

أتيتُكَ أشكُو ما يحِلُّ بأمّة 
غدا ذِكْرُها بينَ البريّة أسْمَجا

ألا يا رسولَ الله عذراً لحالنا
فُتِنّا وقارَفْنا التشَرذُمَ سُذَّجا

طوائفَ صِرْنَا بأسُنا اشتدّ بيننا
وعُدْنا لِذاتِ النتْنِ أوساً وخزْرَجا

بجاهكَ ندْعو قانِتِينَ لربّنا
لأنْ يكشفَ الضرَّ المُقيمَ ويفْرجا

عليكَ صلاةُ الله ما هبّتِ الصَّبا
وروّى هتونُ المُزنِ في البيدِ عَرْفَجا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق